المؤتمر العلمی الثانی عشر " التربیة والإعداد للمواطنة العالمیة الفرص والتحدیات" فى الفترة من 11-12 أکتوبر 2022


مقدمة :

تتنامى وتیرة التغیرات العالمیة وتتعدد أبعادها فی ظل ثورات متلاحقة معرفیة وتکنولوجیة ومعلوماتیة ورقمیة، وتلقی هذه التغیرات بظلال ثقیلة ومتمایزة على مسیرة المجتمعات واتخاذ التدابیر المختلفة التی تعمل على مواجهة ما یتم فرضه من تحدیات أو استثمار ما یتاح من فرص، خاصة مع تزاید الاتجاه نحو التنافسیة الدولیة وخلق کیانات جدیدة تمثل ممکنات أصحابها ودوافعهم. 

وفی هذا الإطار انبرت الکتابات وتمیزت التوجهات العالمیة لتطرح اشکالیات کثیرة تتعلق بالتجاوب العالمی الذی شکل ثقافة جدیدة لا تتقید کثیرا بالحدود السیاسیة بقدر اعترافها بمفاهیم المواطنة العالمیة التی نتجت عن التحول فی مفهوم العالم الذی أصبح قریة صغیرة بفضل ثورة الاتصالات وتکنولوجیا المعلومات والرقمنة التی ساعدت على الاندماج غیر المقید والتعرف على ملامح الانسان العالمی الذی یعیش فی عالم واحد تحکمه ثقافة العالم والتحرر من القیود تلک المنتسبة لدولة دون غیرها فی مفهوم العالمیة. 

ولقد عززت الیونسکو التربیة على المواطنة العالمیة منذ إطلاق الأمین العام للأمم المتحدة المبادرة العالمیة بشأن "التعلیم أولا "(GEFI)، فی العام 2012، والذی جعل من تدعیم المواطنة العالمیة واحدة من أولویاتها التعلیمیة الثلاث. وأشارت أول مبادرة تعلیم عالمی للأمم المتحدة " أنه لیس الغرض من التعلیم هو تخریج أفراد قادرین على القراءة، والکتابة، والحساب فقط، بل یجب أن یضطلع التعلیم بدوره المرکزی کاملاً فی مساعدة الناس على العیش فی مجتمعات تسودها العدالة، وآمنة، ومعتدلة، وشاملة." ووفقاً للأمم المتحدة، یوفر تعلیم المواطنة العالمیة، الفهم والمهارات والقیم للطلاب وهی التی یحتاجون إلیها للمساعدة فی حل التحدیات الفکریة فی القرن 21، والتی تشمل التغیر المناخی، والصراع، والفقر، والمجاعة، وقضایا المساواة والاستدامة. ومن ثم تحقیق مخرجات تعلیمیة تفی بالنجاح المتوقع. 

ویتعلق مفهوم المواطنة العالمیة بإیمان الفرد بضرورة التعایش السلمی مع الثقافات الأخرى حول العالم وإلمامه بالقضایا العالمیة ومشارکته فی إیجاد الحلول المناسبة لها وشعوره بالانتماء إلى العالم أجمع، واحترامه لمبادئ المساواة وحقوق الإنسان والتسامح والعدالة الاجتماعیة واهتمامه بالبیئة العالمیة وأهمیة المحافظة علیها، وزیادة مشارکة ووعی وإدراک الأفراد لواجبات والتزامات معینة تحقق الاندماج والتشارک وفق المعاییر والقوانین والقیم التی تعلی من شأن الفرد وتنهض به، والمحافظة على مصالح البیئة العالمیة، وتحقیق أهداف المسؤولیة العامة من خلال الأطر الدولیة والالتزام بقضایا ومشکلات العالم ، بالإضافة إلى تکریس مجموعة من القیم مثل الانتماء والمشارکة الفاعلة والدیمقراطیة والتی تؤثر على شخصیة الفرد فتجعله أکثر إیجابیة فی إدراک ما له من حقوق وما علیه من واجبات نحو الوطن الذی یعیش فیه، وأمته والعالم بأسره.

وتسعى المواطنة العالمیة إلى إعداد الأفراد للتفاعل مع عالم یسوده تعدد الثقافات، والتغییر المتسارع، والمساهمة الفاعلة فی قیادة العالم نحو التقدم والتطور، فهی تنظر إلى کوکب الأرض باعتباره وطناً للجمیع یجب المحافظة علیه وصون موارده، وتنظر إلى جمیع الناس باعتبارهم أسرة واحدة تحترم بعضها البعض، وتتعایش فی إطار من التسامح والتفاهم واحترام الخصوصیات الثقافیة لکل شعب. وإن معظم المشکلات التی تحدث فی أی مکان لا یقف تأثیرها على فئة محددة من البشر بل تمتد إلى دول العالم، ومن هنا تعتبر عالمیة المشکلات والقضایا رکیزة أساسیة للاهتمام بالمواطنة العالمیة. ویصبح من الضروری تزوید المتعلمین بالمعرفة والمهارات والقیم والاتجاهات التی تساعدهم على التکیف مع هذه المتغیرات ومواجهة تحدیاتها بحکم انتمائهم للمجتمع العالمی. 

ویهتم المؤتمر الحالی بتطویر الإحساس بالمواطنة العالمیة فالتربیة من أجل المواطنة والتعلیم العالمی هو الذی یعتمد على مبادئ التعاون ونبذ السلوک العدوانی واحترام حقوق الإنسان والتنوع الثقافی، والتسامح والدیمقراطیة، والعدالة الاجتماعیة، ویشجع على التفکیر الناقد ومسؤولیة المشارکة، وهو ما یستهدفه مؤتمر کلیة

التربیة وإظهار دور التربیة ومؤسساتها فی الاعداد للمواطنة العالمیة من خلال مواجهة التحدیات واستثمار الفرص المتاحة محلیا وعالمیا.